دمشق-سانا
تشكل الاستثمارات التي وقعت مؤخراً مع عدد من الشركات العربية والأجنبية، وفي قطاعات متنوعة، خطوة إستراتيجية في بناء خارطة طريق اقتصادية جديدة لسوريا، تسهم في دفع عجلة التنمية، وتحقيق النمو المستدام، وتؤسس لمرحلة واعدة من الشراكات الاقتصادية، وتعزيز بيئة استثمارية جاذبة لرجال الأعمال والشركات.
نقلة نوعية للاقتصاد السوري

أكد عميد كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، الدكتور علي كنعان، في تصريح لمراسل سانا، أن الاستثمارات التي جرى توقيعها مؤخراً تمثل “نقلة نوعية” للاقتصاد السوري، وتؤسس لمرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي والنهوض بالإنتاج الوطني.
وأوضح كنعان أن المشاريع الاستثمارية التي شملت قطاعات حيوية واسعة، أبرزها الصناعة، الزراعة، البناء، السياحة، الاتصالات، الخدمات الصحية، والتطوير العقاري، تعكس رغبة جدية لدى الشركات المستثمرة بالاتجاه نحو استثمار طويل الأمد في سوريا.
وأشار كنعان إلى أن هذه الاستثمارات، ستبدأ آثارها بالظهور على المدى القصير، من خلال تشغيل اليد العاملة المحلية، وإدخال تقنيات وآلات حديثة إلى السوق السورية، وتحقيق نمو اقتصادي مباشر نتيجة تفعيل عجلة الإنتاج، وزيادة حجم التشغيل.
تقلّص المضاربة وتدعم الإعمار
ولفت عميد كلية الاقتصاد إلى أن هذا النشاط الاستثماري، سيؤدي إلى تقليص المضاربة في الأسواق المالية، وإعادة توجيه رؤوس الأموال المحلية والعربية نحو القطاعات الإنتاجية، بما يعزز الاستقرار في سعر صرف الليرة السورية، وهو ما يعتبر أكثر أهمية من مجرد تحسين القيمة الاسمية للعملة.
وفيما يخص الأثر المتوقع على عملية إعادة الإعمار، أشار عميد كلية الاقتصاد، إلى أن هذه الاستثمارات تمثل اللبنة الأولى لانطلاقة جدية في إعادة بناء سوريا، مبيناً أن مشاريع البنية التحتية كالطرقات والجسور وشبكات النقل تحتاج لفترات زمنية طويلة، وقد بدأت فعلياً بوضع حجر الأساس لبعض المشاريع مثل معمل الإسمنت الأبيض في مدينة عدرا الصناعية بريف دمشق.
تحريك الاستثمار وإحياء المشاريع المتوقفة

من جهته، أكد مدير غرفة تجارة دمشق الدكتور عامر خربوطلي، أن تحريك عجلة الاستثمار بات ضرورة في ظل حالة الجمود الاقتصادي الراهنة، مشيراً إلى أن تنفيذ هذه المشاريع، سواء في القطاعات الإنتاجية أو الخدمية، من شأنه أن يسهم في تنشيط الاقتصاد السوري بشكل فعال.
ولفت إلى وجود عدد من المشاريع الاستثمارية التي كانت قيد الدراسة أو التنفيذ قبل عام 2011، والتي تعود لشركات من دول الخليج، موضحاً أنه يمكن اليوم إعادة إحيائها، سواء كانت مشاريع تطوير عقاري أو مراكز خدمية وتجارية، لما لها من أثر اقتصادي واعد في حال تطويرها أو دمجها ضمن خطط استثمارية جديدة.
خريطة استثمارية متوازنة تعزز التنمية
وبين خربوطلي أن الفرص الاستثمارية متاحة في مختلف المحافظات السورية، مشدداً على ضرورة وضع خريطة استثمارية واضحة المعالم، تتضمن أولويات تنموية مدروسة في مختلف القطاعات، سواء الصناعية أو الزراعية أو الخدمية، بما يتوافق مع الإمكانيات المتوفرة والموارد المتاحة في كل محافظة.
وأشار إلى أن أي مشروع يتم تنفيذه في محافظة معينة، ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني عموماً، لكنه شدد على أهمية توزيع الاستثمارات بشكل متوازن، وتجنب التمركز في مناطق محددة مثل العاصمة دمشق، لما قد يسببه من ضغط سكاني، واستنزاف للخدمات في مناطق دون غيرها.
وأكد خربوطلي أهمية انخراط المستثمرين السوريين، سواء المقيمين داخل البلاد أو المغتربين، في دعم عجلة الاقتصاد الوطني، ولا سيما أولئك الذين راكموا خبرات واستثمارات ناجحة في دول أخرى، معتبراً أن مناخ الاستثمار في سوريا بات أكثر استعداداً، لاستقبال مشاريع جديدة تعيد الحيوية إلى مختلف القطاعات.
يشار إلى أن هيئة الاستثمار السورية أعلنت قبل نحو أسبوعين، عن توقيع عدد من المشاريع الإستراتيجية الكبرى مع العديد من الشركات الدولية بقيمة إجمالية تبلغ 14 مليار دولار، شملت عدداً من القطاعات الاقتصادية والخدمية الأساسية.
وأبرز الاستثمارات الموقعة، مطار دمشق الدولي باستثمار يبلغ 4 مليارات دولار، ومترو دمشق باستثمار 2 مليار دولار، ومشروع حيوي للبنية التحتية والتنقل الحضري، وأبراج دمشق باستثمار 2 مليار دولار، وأبراج البرامكة باستثمار 500 مليون دولار، ومول البرامكة باستثمار 60 مليون دولار.
خريطة استثمارية متوازنة تعزز التنمية