دمشق-سانا
بحضور وزراء من البلدين.. وقع وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد الشيباني ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي مذكرة تفاهم اليوم لإحداث مجلس التنسيق الأعلى بين سوريا والأردن، بهدف تعزيز التعاون في المياه والطاقة والاقتصاد والنقل، ودعم إعادة بناء سوريا عبر خارطة طريق طموحة.
وقال الوزير الشيباني في مؤتمر صحفي مع الصفدي في قصر تشرين بدمشق: جرت اليوم نقاشات ثنائية في مجالات الطاقة والنقل والاقتصاد، وأيضا وقعنا مذكرة تفاهم تعلن عن مجلس تنسيقي أعلى بين البلدين، وسنشرف على تعزيز التنسيق ليس فقط مع هذه المسارات بل مع جميع الوزارات ذات الشأن، وستكون هناك اجتماعات أخرى ربما في عمان أو في دمشق، وأيضا اجتماعات ثنائية بين الوزارات النظيرة، وسيتم رفع تقارير دورية عن حصيلة هذه الاجتماعات إلى قيادتي البلدين.
وأضاف الوزير الشيباني: هذا اليوم يشكل محطة تاريخية مهمة جدا في تاريخ البلدين، وفي مستقبل العلاقة بينهما، وكنا منذ اليوم الأول بعد التحرير على تنسيق كامل مع الجانب الأردني في نقل مصالح المنطقة، وفي تعزيز الروابط بين المنطقة وبين شركائها في الدول الأوروبية والأمريكية، واستطعنا اليوم أن نتوج هذا النجاح المشترك في رفع العقوبات الأمريكية، واليوم أيضا بإعلان الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات عن سوريا، وبالتأكيد فإنه سيكون لرفع العقوبات أثر إيجابي على العلاقات مع الأردن وعلى المنطقة برمتها، ونستطيع أن نقول إن المنطقة انتقلت من المشاهد المحبطة التي سادت في السنوات الماضية إلى علاقات تضفي الازدهار على شعوب هذه المنطقة.
وتابع الوزير الشيباني: التنسيق الاقتصادي عال جدا مع الجانب الأردني، وبالتأكيد رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا سيفسح المجال لشراكة أكبر مع الأشقاء في الأردن، ويعطي فرصة أكبر للتنسيق بين البلدين اللذين تجمعهما الجغرافيا والتاريخ والموقع الاستراتيجي المهم، ولدينا الكثير من المشاريع المتقدمة على المستوى الاقتصادي، وفي النقل وشبكات الطرق، والتعاون في جميع المجالات الأخرى، وأيضا لدينا محادثات مع الجانب التركي ودول الخليج حول الاستفادة من موقع البلدين وتعزيز الشراكة الاقتصادية، ليس فقط في المنطقة العربية ولكن أيضا تجاه الدول الأوروبية وباقي دول العالم، ويمكن تسخير إمكانيات البلدين الشقيقين في مصلحة شعبيهما.
وقال وزير الخارجية: ما نركز عليه مع الجانب الأردني هي المشتركات، والكرة الآن بملعب الوزارات في البلدين، وكيف نستطيع أن نترجم هذه العلاقة المتميزة بين سوريا والأردن إلى عقود واتفاقيات وشراكات يستفيد منها شعبا البلدين، وملف الطاقة هو على رأس الأولويات لإيجاد حل لمسألة نقص الكهرباء في سوريا، وأيضا مسألة توريد الوقود والمحروقات والتعاون الاقتصادي الاستثماري، واليوم الطريق مفتوح بين تجار البلدين وبين وزارات البلدين، وليس هناك أي مانع سياسي أو تحفظ على هذا الموضوع، والمطلوب أن نرى النتائج قبل أن يلمسها الشعب السوري، تنفيذا لتوجيهات قيادتي البلدين.
وأضاف الوزير الشيباني: نشكر الأردن على وقوفه إلى جانبنا منذ اليوم الأول ضد التدخلات والتهديدات الإسرائيلية التي لا تهدد سوريا فقط بل كل دول المنطقة، فالكل يشعر بالتهديد وبالخوف من العقلية الجديدة التي يصدرها الجانب الإسرائيلي إلى المنطقة، وبالتأكيد لا أحد يقبل أو يستطيع أن يتعايش مع هذه التهديدات من قصف جوي وتوغلات برية تشكل انتهاكا صارخا للقوانين الدولية.
وتابع الوزير الشيباني: نحن في سوريا قلناها منذ اليوم الأول بعد التحرير، نريد سوريا دولة واحدة موحدة ومستقرة، ونريد للشعب السوري أن يستريح من عناء 14 عاما من الحروب، فلدينا تحديات اقتصادية وفي البنية التحتية، ولدينا ما يقارب ثمانية ملايين سوري في الخارج، ونريد أن نوفر البيئة الآمنة لعودتهم إلى البلاد، وهذا الشيء يتنافى مع سياسة الجانب الإسرائيلي الذي يسعى إلى بث الفوضى، ونحن في سوريا نتواصل مع الدول العربية والأوروبية ومع الجانب الأمريكي والأمم المتحدة فيما يخص اتفاقية عام 1974، ونحن ملتزمون بها وأي خرق لهذه الاتفاقية يعني بث الفوضى في المنطقة، ومعظم الدول تدعم موقف سوريا بهذا الشأن.
وقال وزير الخارجية: انتهجت الدبلوماسية السورية منذ اليوم الأول نهجا منفتحا مع الجميع، ونقلنا تطلعات شعبنا إلى العالم بكل صدق وأمانة، ونقلنا أيضا التحديات التي تعيشها سوريا بموضوعية، بعيدا عن المبالغة في المخاطر وبطريقة واقعية، بعيدا عن الرؤى الحالمة، فسوريا خرجت من الحرب بعد 14 عاما، والشيء الأهم الذي نريد أن نركز عليه هو الاستقرار، وبالتالي سنسعى في الفترة القادمة أن نثبت للعالم أن سوريا تسير باتجاه الأمن والاستقرار، وأنها تدرك وتتشارك مع الدول المجاورة التهديدات الأمنية، لأنه لدينا حدود مشتركة مع الأردن ولبنان والعراق وتركيا، وهذه الحدود يجب أن تكون آمنة ومستقرة، ونريد أن تكون علاقة سوريا مع دول الجوار مطمئنة ومريحة، ومن ثم الانتقال إلى الاستثمار والتعاون الاقتصادي.
وأضاف الوزير الشيباني: اليوم الخطة أن نستثمر ونستفيد من رفع العقوبات، ومن يريد أن يستثمر في سوريا ويتعاون معها ويقف إلى جانبها، فالطريق مفتوح أمامه، والشعب السوري لديه اليوم فرصة تاريخية ومهمة في بناء بلده، والكل يقف إلى جانب سوريا، رغم وجود جهات ودول لا تريد الاستقرار لسوريا، إلا أنها أصوات شاذة وغير مؤثرة.
بدوره قال وزير الخارجية الأردني: زيارتي برفقة وزراء الصناعة والتجارة والمياه والطاقة، تعكس عمق الحوار وتعزيز العلاقات الأخوية التاريخية التي تجمع بلدينا عبر تعاون شامل واسع ينعكس خيرا على الجميع، ونحن في دمشق اليوم في أول اجتماع لمجلس التنسيق الأعلى الذي وقعنا مذكرة تفاهم لإنشائه، بهدف أن نبني على ما يجمعنا من أخوة ومصالح مشتركة، وللوقوف إلى جانب أشقائنا في سوريا وبناء علاقات التكامل التي يفرضها علينا تاريخنا الواحد ومستقبلنا الذي نريده مستقبلا خيرا لنا وللمنطقة.
وأضاف الصفدي: قرار إنشاء المجلس التنسيقي الأعلى قرار أردني سوري مشترك تنفيذا لتوجيهات قيادتي البلدين لتأسيس علاقات مؤسساتية ذات نفع على البلدين، وهدفنا أن نعمل معا لدعم سوريا الشقيقة في المرحلة الانتقالية، وأن نؤسس لعلاقات تكامل فيها مصلحة للبلدين وللمنطقة، فالأردن هو بوابة سوريا إلى الخليج العربي والعالم العربي، وسوريا هي بوابة الأردن إلى أوروبا.
وتابع الصفدي: اليوم حققنا إنجازاً حيث اتفقنا على مسار الطريق لتفعيل التعاون في مجالات الطاقة والمياه والصناعة والتجارة والنقل، وبحثنا أيضا في المجال الصحي بسبب وجود وزيري الصحة في جنيف، ورسالتنا اليوم أننا نقف مع بعضنا البعض وسنعمل لبناء علاقات توصلنا إلى مرحلة التكامل الذي هو مصلحة مشتركة لبلدينا وشعبينا ولكل المنطقة، فسوريا تمر بمرحلة تاريخية بعد سنوات من المعاناة والحرمان والدمار والخراب، وسيكون الأردن السند والداعم للانتقال بهذه المرحلة الانتقالية، وصولا إلى بناء سوريا الحرة المستقرة الموحدة الآمنة لكل مواطنيها، والتي يشكل استقرارها ركيزة لأمن واستقرار المنطقة برمتها.
وقال وزير الخارجية الأردني: الشعب السوري الشقيق قادر ومنجز، وإذا أعطي الفرصة سيجعل من سوريا الجديدة قصة نجاح للجميع، ومثلما هي الفرص مشتركة فالتحديات مشتركة أيضا، وما يهدد أمنكم واستقراركم يهدد أمننا واستقرارنا، وبالتالي نعمل معا من أجل تحقيق الأمن والاستقرار للبلدين، وهناك تعاون دفاعي وأمني قائم من أجل تكريس التعاون في مواجهة التحديات المشتركة سواء تهريب المخدرات أو السلاح إلى كل ما يستهدف أمن سوريا.
وأضاف الصفدي: المملكة تقف بالمطلق إلى جانب الأشقاء في سوريا بمواجهة العدوانية الصهيونية، فاستباحة المزيد من أرض سوريا واحتلالها لا يجلب إلا المزيد من الفوضى والصراع، ولا مبرر لذلك تحت أي ذريعة كانت، فالحكومة السورية قالت إنها تريد أن تركز على بناء وطنها، ولا تريد الصراع مع أحد، بل أن تجعل المرحلة القادمة مرحلة تلبية طموحات وحقوق الشعب السوري، أما التدخلات الإسرائيلية غير القانونية وغير الشرعية فلن تدفع إلا باتجاه الفوضى، وبالتالي نتصدى لها معا ونرفضها ونستنكرها، فالاعتداءات الإسرائيلية على جنوب سوريا اعتداء على أمن الأردن.
وتابع الصفدي: فيما يتعلق بإعادة الإعمار فقد وجه جلالة الملك عبد الله الثاني بأن نقف إلى جانب أشقائنا بكل ما نستطيع، وهذا يأتي عبر التعاون وإيجاد علاقات ثنائية، واليوم وضعنا خريطة طريق لهذا التعاون في جميع القطاعات، وبالنسبة لأشقائنا السوريين في الأردن هناك مليون وثلاثمئة ألف يعيشون في الأردن، 10 بالمئة منهم فقط يعيشون في المخيمات، و90 بالمئة منتشرون، أشقاء مرحب بهم في كل مناطق المملكة، ونحن ملتزمون بمبدأ العودة الطوعية لأشقائنا، وعودتهم مرتبطة أيضا بإعادة البناء.
وقال وزير الخارجية الأردني: نجدد تهنئة الشعب السوري الشقيق والحكومة السورية برفع العقوبات الأمريكية وبقرار الاتحاد الأوروبي أيضا رفع العقوبات، فقد عملنا في الأردن منذ اليوم الأول مع المجتمع الدولي من أجل رفع العقوبات، لأن مبررات وجود هذه العقوبات لم تعد موجودة، ونحن الآن في بداية جديدة ونجاح سوريا يتطلب إعطاءها الفرصة للنجاح، والعقوبات عائق كبير أمام إنجاز التنمية الاقتصادية التي هي حق للمواطن السوري الذي عانى الحرمان على مدى السنوات الماضية.
وأضاف الصفدي: أعتقد أن العالم كله يدرك أن استقرار سوريا مصلحة له، وبالتالي كل العوامل التي تحول دون هذا الاستقرار يجب أن توقف، والعدوانية الإسرائيلية هي عامل أساسي في ذلك، ورسالتنا للعالم أن استقرار سوريا يتطلب وقف كل التدخلات الخارجية في شؤونها، ووقف هذه العدوانية الإسرائيلية التي تهدف إلى المزيد من الصراع والتوتر في المنطقة.