السفير آلا خلال ترؤسه جلسة مؤتمر نزع السلاح: الرئاسة السورية للمؤتمر ستسترشد بمبادئ المهنية والشفافية
جنيف-سانا
أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف رئيس مؤتمر نزع السلاح دورة عام 2018 السفير حسام الدين آلا أن سورية تؤمن بشكل راسخ بأهمية مؤتمر نزع السلاح والحفاظ عليه باعتباره المنتدى التفاوضي الوحيد متعدد الأطراف في مجال نزع السلاح والذي يمكن من خلاله أن يتحقق نزع السلاح النووي والوصول إلى عالم خال من الأسلحة النووية وضمان الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي باعتباره إرثا مشتركا للبشرية.
وأعرب السفير آلا خلال أول جلسة عامة لمؤتمر نزع السلاح تنعقد برئاسة الجمهورية العربية السورية عن الأسف كون المفاوضات في المؤتمر ظلت في حالة جمود لما يزيد على عقدين من الزمن مع إدراك تأثيرات البيئة الأمنية الدولية والإقليمية الراهنة والطبيعة المعقدة للقضايا التي تقع ضمن اختصاص المؤتمر والطيف الواسع من المواقف بشأنها وإدراك حجم التعقيد الذي يكتنف خروج المؤتمر من حالة الجمود التي يواجهها والمصاعب المتصلة بالتوصل إلى توافق حول برنامج عمل للمؤتمر مشيرا إلى أن الايمان أيضا بأن هذا الواقع لا يجب أن يحول دون مواصلة الجهود الجادة للتوصل إلى تفاهمات حول برنامج عمل بولاية تفاوضية وأن سبب الجمود في أعمال المؤتمر لا يكمن في إجراءات المؤتمر بل في غياب الإرادة السياسية التي من شأنها تحقيق أهدافه.
وقال السفير آلا: “من المؤسف أن تستمر الولايات المتحدة وحلفاؤها باستغلال هذا المنتدى التفاوضي لإقحام مسائل من خارج ولاية مؤتمر نزع السلاح وإثارة قضايا دقيقة وحساسة تستوجب التعامل معها في المحافل الدولية المختصة مثل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بدلا من التعامل معها كمادة للإثارة الإعلامية”.
وأضاف: ومن المؤسف أكثر أن تمضي الدول المذكورة خطوة إضافية اليوم في تقويض أعمال هذا المنتدى وأن تتصرف بطريقة تخالف نظامه الداخلي والمبادئ الأساسية التي قام المؤتمر عليها وفي مقدمتها المادة الثالثة والمادة التاسعة اللتان تنظمان مبادئ المشاركة في أعمال المؤتمر وآلية تناوب رئاسته بين جميع الدول الأعضاء.
وتابع السفير آلا: “لن تشفع لهذه الدول محاولاتها إسباغ لمسات إنسانية زائفة على مواقفها المدفوعة باعتبارات سياسية فجة ترقى إلى درجة النفاق على حساب التزاماتها كدول أعضاء في هذا المؤتمر وإلى سلوك يتسم بالازدواجية وبالانتقائية الأخلاقية في التعامل مع المشاغل والمخاطر التي تكتنف البيئة الأمنية الدولية والإقليمية”.
ولفت السفير آلا إلى أن إثارة موضوع الامتثال للالتزامات القانونية يستوجب من الدول التي تثير هذه المسألة أن تمتثل هي أولا لالتزاماتها القانونية بموجب المعاهدات الدولية الناظمة لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية ومعاهدة الأسلحة الكيميائية وغيرها قبل إعطاء الدروس للآخرين بهذا الشأن والأدهى هو أن يثير أحد اعضاء المؤتمر مسألة الالتزامات القانونية في الوقت الذي يستمر في كونه الطرف الوحيد في منطقتنا الرافض للانضمام إلى أي من اتفاقيات أسلحة الدمار الشامل وهو يمتلك ترسانات هائلة من هذه الأسلحة بأنواعها المختلفة النووية والبيولوجية والكيميائية.
وأشار إلى أن مزاعم الحفاظ على آلية منع انتشار واستخدام الأسلحة الكيميائية لا تتسق مع إصرار هذه الدول على التعامل مع حوادث الاشتباه باستخدام أسلحة كيميائية بطرق تتجاهل أحكام اتفاقية الأسلحة الكيميائية وتنتهك متطلبات التحقيق في تلك الحوادث وسلسلة الحضانة للعينات التي تشكل جوانب أساسية لنظام منع الانتشار بموجب المعاهدة في الوقت الذي تستمر فيه هذه الدول باستباق نتائج التحقيقات في كل مرة وتواصل إطلاق اتهامات لا تقوم على أدلة وتتذرع بها للقيام بأعمال ترقى لجريمة العدوان على دول ذات سيادة قبل إجراء أية تحقيقات نزيهة ومستقلة في تلك الاتهامات كما حدث في حادثتي خان شيخون ودوما المزعومتين.
وأوضح مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف أن الحفاظ على البيئة الأمنية الدولية والإقليمية لن يتحقق من خلال هذه السلوكيات أو الإصرار على عرقلة العمل داخل هذا المؤتمر من أجل التوصل إلى اتفاقية لقمع الإرهاب الكيميائي والبيولوجي في الوقت الذي تتواتر فيه المعلومات حول قيام مجموعات إرهابية بالسعي لامتلاك وتخزين مواد كيميائية سامة واستخدامها كأسلحة كيميائية في سورية والعراق وغيرها.
وشدد السفير آلا على أن المسرحية البائسة التي قام البعض بالترتيب لها هي محاولة فاشلة للتشويش على الرئاسة السورية لمؤتمر نزع السلاح والإساءة لمداولاته الرصينة مؤكدا إصراره على المضي قدما في التعامل مع متطلبات الرئاسة بالتزام كامل بمعايير المهنية والشفافية مسترشدا في ذلك بالنظام الداخلي للمؤتمر بدعوة الدول الأعضاء إلى الحرص على احترامه والالتزام بأحكامه والامتناع عن الممارسات الضارة والخطاب غير الدبلوماسي الذي لن يساهم سوى في تسميم أجواء التعاون داخل هذا المنتدى العريق في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى العمل بشكل بناء وإيجابي للسعي من أجل إخراج المؤتمر من حالة الجمود التي يواجهها منذ أكثر من عقدين من الزمن.
وقال السفير آلا: إن “المقاربة السلبية التي تتبناها بعض الدول في بياناتها تطرح على هذا المؤتمر تساؤلات حول مدى حرص هذه الدول على العمل متعدد الأطراف وعلى مصداقية ومهنية هذا المنتدى”.
ولفت السفير آلا إلى أن الجمهورية العربية السورية “تتشرف بتولي رئاسة مؤتمر نزع السلاح وذلك للمرة الثالثة منذ انضمامها للمؤتمر عام 1996 وتؤكد على أن الرئاسة السورية للمؤتمر ستسترشد في عملها بنظامه الداخلي وبمبادئ المهنية والشفافية التي تحكم دور ومتطلبات الرئاسة وستكون منفتحة وإيجابية مع جميع المساهمات البناءة والجدية وتتطلع للعمل مع أعضاء المؤتمر بكامل الشفافية والمهنية مع التشديد في الوقت نفسه على أهمية التزام الدول الأعضاء بالعمل في أجواء إيجابية بطريقة تحترم النظام الداخلي للمؤتمر وتركز على ولايته ودوره وعلى القضايا المدرجة على جدول أعماله والابتعاد عن المواقف المدفوعة باعتبارات سياسية التي لا تساهم سوى في توتير الأجواء وإفساد مناخات التعاون والحوار الإيجابي”.
وكان السفير آلا أدلى قبل المباشرة بجدول أعمال الجلسة ببعض الملاحظات الاستهلالية لتوضيح المقاربة التي ستعتمدها الرئاسة السورية للمؤتمر خلال الأسابيع الأربعة القادمة منوها بالدور الذي اضطلعت به الرئاسات الثلاث السابقة سفراء سويسرا والسويد وسريلانكا وبالتعاون المثمر والبناء في إطار آلية الرئاسات الستة التي أثبتت جدواها رغم اختلاف أولويات هذه الدول في مؤتمر نزع السلاح.