حمص-سانا
نُقلت اليوم رفات 35 شهيداً من شهداء الحصار الذين دُفنوا في مقبرة الأوزاعي بحمص القديمة، إلى مقبرة الشهداء المجاورة لمسجد الصحابي خالد بن الوليد، في خطوة إنسانية تهدف إلى تكريمهم بما يليق بتضحياتهم، واستجابة لرغبة ذويهم، وذلك بإشراف مديرية الأوقاف والجهات المختصة، وبحضور شخصيات دينية وعسكرية.
وجاءت عملية النقل بعد استكمال الإجراءات الشرعية والقانونية، حيث تم الكشف على الجثامين من قبل الطبيب الشرعي والتأكد من هوياتهم، وفق ما أفاد به محمد نور الصالح، رئيس دائرة الشؤون الإعلامية في مديرية أوقاف حمص في تصريح لمراسلة سانا، مؤكداً أن المديرية أنجزت كل التحضيرات بالتعاون مع الجهات المعنية، وشكّلت لجنة مختصة لضمان سير العملية بما يحفظ حرمة الشهداء.
وأشار الصالح إلى مشاركة فرق الدفاع المدني والجهات الطبية، إضافة إلى تأمين من وزارة الداخلية، لافتاً إلى أن لجنة الفتوى في حمص، برئاسة الشيخ سهل جنيد، أفتت بجواز النقل شرعاً نظراً للحاجة المعتبرة، مستندة إلى أدلة فقهية معتبرة، وخاصة أن الدفن السابق كان اضطرارياً خلال ظروف الحصار التي مرت بها المدينة.
من جانبه، وصف كنان نحاس قائد كتيبة الأنصار عملية النقل، بأنها “خطوة إنسانية تأخرت كثيراً”، مؤكداً أن دفن الشهداء في باحات المساجد لم يكن عرفاً، بل فرضته الضرورة في ظل الحصار القاسي، وقال: “في مسجد الإمام الأوزاعي يرقد 18 شهيداً من كتيبة الأنصار، دفنوا هناك حين لم نكن نملك خياراً آخر، هؤلاء كباقي الشهداء هم أهلي وإخوتي، جمعتنا المعاناة والهدف”.
وأضاف نحاس: إن نقلهم اليوم يتيح لذويهم، وخاصة الأمهات، زيارتهم في مكان يليق بتضحياتهم، مستعيداً ذكريات دفن رفاقه عقب التحضير لمعركة السيتي سنتر، قائلاً: “كانت من أقسى أيام الحصار، لا تقلّ وجعاً عن معركة المطاحن أو الانسحاب من حمص”، وختم بالقول: “رغم تجدد الحزن، فإن شعور الفخر يرافقنا، فشهداؤنا وجرحانا هم أيقونة النصر، وعلى الله أجرهم”.
وخلال سنوات الحصار التي شهدتها مدينة حمص، اضطر الأهالي إلى دفن الشهداء في مواقع مؤقتة داخل باحات المساجد والمقابر العشوائية، بسبب تعذر الوصول إلى المقابر الرسمية، ومقبرة الأوزاعي في حمص القديمة كانت إحدى تلك المواقع التي احتضنت رفات عشرات الشهداء، في ظروف إنسانية وأمنية بالغة القسوة، اليوم وبعد استقرار الأوضاع، بدأت الجهات المختصة بنقل الرفات إلى مقبرة الشهداء، تكريماً لهم واستجابة لرغبة ذويهم في دفنهم بمكان يليق بتضحياتهم.