دمشق-سانا
موجة حر استثنائية توصف بأنها من الأشد في تاريخه الحديث، يشهدها الشرق الأوسط هذا الصيف، حيث تجاوزت درجات الحرارة في عدد من مدن المنطقة حاجز الـ 50 درجة مئوية، في ظاهرة أبعد ما تكون عن العابرة، لارتباطها المباشر بآثار الاحتباس الحراري وتغير المناخ.
قبة حرارية تحاصر المنطقة
وحسب المنظمة العالمية للأرصاد (WMO) تعود شدة موجة الحرارة الحالية لظاهرة القبة الحرارية، وهي ظاهرة مناخية تحدث عندما ينحصر الهواء الساخن في منطقة معينة تحت ضغط جوي مرتفع، ويبقى عالقاً فيها لفترة من الزمن، ما يؤدي إلى ارتفاع كبير في درجات الحرارة قد يستمر لأيام أو حتى أسابيع.
ولفتت المنظمة إلى أنه في بيئة جافة كبيئة الشرق الأوسط، يقل التبريد الطبيعي الناتج عن تبخر المياه والنباتات، ما يضاعف الإحساس بالحرارة ويزيد من خطر الحرائق والجفاف.
وفي السياق نفسه نشرت (WMO) أواخر أيار الماضي تقريراً يشير إلى أن هناك احتمالاً نسبته 80 بالمئة بأن يحطم عام واحد على الأقل من الأعوام الخمسة المقبلة (2025-2029) الرقم القياسي للعام الأشد حراً على الإطلاق منذ بدء تسجيل درجات الحرارة، كما أن هناك احتمالاً نسبته 86 بالمئة أن ترتفع درجات الحرارة في عام واحد على الأقل من الأعوام الخمسة المقبلة بمقدار 1.5 درجة مئوية أعلى من متوسط درجات الحرارة في عصر ما قبل الثورة الصناعية.
حرائق الغابات في الساحل السوري في ظل موجة الحر
وسط درجات الحرارة القياسية وقبة الحرارة المهيمنة على المنطقة، ازدادت نسبة وشدة الحرائق التي شهدتها سوريا هذا الصيف، وحسب وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث فإن فرق الإطفاء في عموم سوريا استجابت لأكثر من 4000 حريق منذ بداية شهر نيسان حتى ال 7 من تموز الماضيين، حيث سجلت مدينة حلب أكثر من 789 حريقاً، تلتها اللاذقية بـ 601 حريق، بينما تم تسجيل 2054 حريقاً حراجياً وزراعياً في عموم المناطق السورية، وسجلت محافظة اللاذقية العدد الأكبر بـ 441 حريقاً، تلتها طرطوس بـ 308 حرائق زراعية وحراجية.
وأتت الحرائق التي اندلعت في أوائل تموز الماضي بمحافظة اللاذقية على 16 ألف هكتار تقريباً من الأراضي الزراعية والغابات الحراجية منها 2200 هكتار من الأراضي الزراعية، وتسببت بتضرر 45 قرية.
موجة حارة جديدة تستمر حتى نهاية الأسبوع بمعظم المناطق السورية
وفي سوريا بينت المديرية العامة للأرصاد الجوية أن معظم المناطق تأثرت خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، بموجة حارة يستمر تأثيرها حتى نهاية هذا الأسبوع، وتكون ذروتها اليوم والأحد والإثنين القادمين، وسجلت البلاد درجات حرارة أعلى من معدلاتها ب 4 إلى 8 درجات مئوية.
الاحتباس الحراري مسبب رئيسي
الدراسات العالية تؤكد أن موجات القباب الحرارية أصبحت أكثر تكراراً وشدة بفعل التغير المناخي ومظاهر الاحتباس الحراري، وفي منطقة الشرق الأوسط التي تصنف حالياً على أنها “نقطة ساخنة”، يتوقع الخبراء أن يصل عدد أيام الحر الشديد إلى 80 يوماً سنوياً بحلول 2050، وربما يتجاوز 110 أيام مع نهاية القرن.
موجات حر إضافية تحاصر سكان العالم
وأظهرت دراسة تحليلية جديدة أن نحو 4 مليارات شخص “أي حوالي 49 بالمئة من سكان العالم” تعرضوا خلال العام الماضي لشهر كامل إضافي من الأيام الحارة المفرطة بسبب النشاط البشري وتغير المناخ.
الآثار الصحية والاجتماعية
وفيما تعتبر القبة الحرارية التي تحاصر الشرق الأوسط حالياً جرس إنذار لواقع مناخي جديد أكثر قسوة، إذا لم تتخذ إجراءات جذرية للتكيف مع التغير المناخي والتخفيف من أسبابه، فإن الآثار الصحية والاجتماعية المترتبة عليها ستكون كبيرة، بما فيها ارتفاع معدلات الإجهاد الحراري وأمراض القلب والجهاز التنفسي، إضافة إلى زيادة خطر بعض الأمراض المزمنة، لكن المهجّرين والنازحين والفقراء يبقون الأكثر تضرراً لغياب مصادر التبريد والمياه النظيفة.