اللاذقية-سانا
تشهد مدينة اللاذقية تحديات في تحسين مستوى الخدمات العامة، ما يستدعي تكثيف الجهود لتلبية احتياجات المواطنين، ولا سيما في قطاعات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، وتُظهر بيانات محلية أن ساعات التقنين الكهربائي تجاوزت 17 ساعة يومياً في بعض الأحياء، بينما انخفض ضخ المياه بنسبة 40% خلال الأشهر الثلاثة الماضية، هذا التراجع دفع السكان إلى إطلاق مبادرات تطوعية تهدف إلى سد الفجوات الخدمية، في ظل محدودية الاستجابة الرسمية.
قراءة ميدانية في واقع الخدمات العامة
بحسب تقرير صادر عن مجلس المدينة، فإن شبكة الصرف الصحي في حي الرمل الجنوبي تحتاج إلى إعادة تأهيل بنسبة تفوق 60%، فيما تعاني أحياء الشيخ ضاهر والقلعة من ضعف في ضخ المياه، ما أثر على الحياة اليومية للسكان، ورغم هذه التحديات، برزت جهود أهلية لافتة، منها حملات تنظيف أسبوعية، وصيانة أعطال كهربائية بسيطة، وتنظيم ورشات توعية بيئية.
شهادات من الميدان
يقول نزار خضور، أحد منظمي حملة تنظيف الشاطئ: “ما ننتظره من الجهات الرسمية لا يكفي، لذلك قررنا أن نبدأ بأنفسنا، البحر هو وجه المدينة، ويجب أن يبقى نظيفاً”.
وتضيف هالة سليمان، مدرسة متقاعدة: “نحن نعلّم أولادنا كيف يكونوا جزءاً من الحل، لا مجرد متفرجين، المبادرات الصغيرة تصنع فرقاً كبيراً”.
تحليل الأسباب وتوصيف الواقع
يرى مختصون في الإدارة المحلية أن الأزمة الخدمية في اللاذقية تعود إلى ضعف التمويل المركزي، وغياب خطط استراتيجية لتحديث البنية التحتية، كما أن الضغط السكاني المتزايد، نتيجة النزوح الداخلي، ساهم في تفاقم الوضع، ومع ذلك، فإن الحراك الشعبي يُعد مؤشراً إيجابياً على نضج الوعي المجتمعي، وقدرته على تجاوز الأزمات بوسائل مبتكرة.
نماذج من المبادرات الناجحة
في حي الزراعة، أطلقت مجموعة من الشباب مشروعاً لإعادة تدوير النفايات المنزلية وتحويلها إلى منتجات قابلة للاستخدام، بالتعاون مع ورشات محلية، كما نظّمت جمعية أهلية معرضاً بيئياً في ساحة أوغاريت، عرضت فيه حلولاً بسيطة لتحسين الواقع الخدمي، مثل استخدام الطاقة الشمسية في الإنارة العامة.
ردود الجهات الرسمية
ورغم أن بعض الجهات الحكومية بدأت بالتفاعل مع هذه المبادرات، عبر تقديم دعم رمزي أو تسهيل الإجراءات، إلا أن الاستجابة لا تزال محدودة، ويطالب الأهالي بخطط واضحة ومستمرة، تضمن استدامة هذه الجهود وتكاملها مع المشاريع الرسمية.
اللاذقية اليوم ليست فقط مدينة تواجه أزمة خدمات، بل هي نموذج حي لتحول اجتماعي يقوده المواطنون، وبين ضعف البنية التحتية وتحديات التمويل، تبرز إرادة شعبية لا يستهان بها، تستحق أن تُدرس وتُدعم، لأنها تمثل مستقبلاً جديداً للتنمية المحلية في سوريا.